كيف نكافح الإرهاب؟
Comment Lutter Contre Le Terrorisme ?
بدأت السيدة هدى منذ ذلك الوقت تبحث عن السبب الذي يجعل شبابا في عمر الورد يتحولون إلى سفاحين وقتلة. كانوا يبحثون عن النقاء والمجتمع الفاضل فخاضوا في مستنقعات القذارة وارتكبوا أفظع الجرائم والرذائل. لم تعرف أسماءهم ولا مستواهم التعليمي ولكن من المؤكد أن لهم أسرا وأمهات وآباء وإخوة وأخوات نكبوا بانحرافهم وإجرامهم ثم مقتلهم. هي ليلة واحدة قضتها في جحيم المغارة ولكنها كانت كافية لتقلب حياتها رأسا على عقب. تخرجت من معهد التاريخ في جامعة الجزائر وكانت تطمح إلى أن تكون أستاذة في المدارس الثانوية تعلم التلاميذ تاريخ بلادهم. لكن نظرتها إلى التاريخ تغيرت الآن.
اكتشفت أن المدرسة لا تدرس تاريخ الحضارة الإسلامية، فهؤلاء الشباب لا يعرفون عن الإسلام إلا ما يقوله لهم هؤلاء الجهلة الحمقى من المدعين. لا يعرفون علماءه ومفكريه وما قدموه للحضارة الإنسانية. بل إن التفكير حرام في زعمهم لأنه يقود إلى الضلال والكفر.
غيرت منهجها في تعليم التاريخ فلم تعد تنظر إليه على أنه أحداث بل على أنه حضارة، فتركز على الفكر الإسلامي الذي ساهم في تقدم العلوم والفنون أكثر من تركيزها على السياسة والحكام، ولا تقدم الإسلام على أنه غزوات وفتوحات وجهاد فحسب بل تبرز الجانب المعرفي فيه، وتعرف التلاميذ بجابر بن حيان والبيروني والرازي وابن سينا وابن خلدون وابن رشد وابن طفيل. وتطبيقا لهذا المنهج خصصت زاوية في صفحة العلم والعلماء في جريدة العدالة للتعريف بالعلماء المسلمين وإنجازاتهم العلمية والطبية في خدمة الإنسانية، كما خصصت زاوية في نفس الصفحة للتعريف بالاختراعات والاكتشافات العلمية الحديثة والتعريف بأصحابها ليكون أولئك وهؤلاء قدوة صالحة للأجيال الجديدة في العمل البناء بدلا من حمل السلاح للتخريب وقتل الأبرياء فالسلاح لا يجب أن يرفع إلا في وجه المحتلين والغاصبين.
كتبت كتابا عنونته: "ظاهرة الإرهاب ومسؤولية المجتمع" أبرزت فيه دور المدرسة وتقصيرها في التكوين. وأوضحت في المقدمة أن نقدها ليس هجوما على جهاز التربية أو اتهام الأساتذة بل هو تحليل أخطاء الماضي لتفاديها في المستقبل. ومما قالته: "وما لم نعترف بأخطائنا ونضعها تحت المجهر فليس بإمكاننا إصلاحها". وذكرت كمثال عن ذلك إغفال سير العلماء والمخترعين موضحة أن كثيرا من أبنائنا يظنون أن حمل السلاح هو الوسيلة الوحيدة للدفاع عن العقيدة وقدوتهم في ذلك صحابة الرسول ( ص) والمجاهدون والشهداء. لأن المدرسة لم تعودهم أن يقتدوا إلى جانب ذلك بالعلماء والمفكرين والفلاسفة الذين بنوا الحضارة. تحدثهم عن الذين هدموا الباطل ليمهدوا الطريق للبناء وتغفل أحيانا ذكر من ساهموا في البناء الفكري والعلمي.
وختمت المقدمة بقولها: "ما لم نعلم أبناءنا أن حمل السلاح ليس هو الوسيلة الوحيدة للدفاع عن العقيدة كما أنه ليس الوسيلة المثلى لبناء مجتمع متحضر فلن نفلح في تحصينهم ضد التطرف والعنف".
ودرست في هذا الكتاب جذور التطرف وأسبابه التاريخية والحالية السياسية والاجتماعية. ثم انتقلت إلى طرق مكافحته ووقاية أبنائنا منه بواسطة التوعية وخلق مناصب الشغل وزرع ثقافة التعدد والحوار وقبول الآخر بدلا من الفكر الأحادي. ولقناعتها بأن البحث النظري لا يكفي ولا بد من اتخاذ إجراءات عملية، أسست جمعية مكافحة الإرهاب وانضم إلى عضويتها أفراد يمثلون معظم شرائح المجتمع. نشاط الجمعية ما زال في أوله لكنه يتوسع باستمرار.
"القاضية والملياردير" – "الخيط السادس"
الأسئلة:
1- ما الذي غير حياة السيدة هدى؟ ولماذا تغيرت نظرتها إلى التاريخ؟
2- ما الفرق بين تدريس تاريخ الشعوب على أنه أحداث سياسية متعاقبة، وبين تدريس حضاراتها ومساهماتها
في بناء الإنسانية؟
3- ما الذي تأخذه السيدة هدى على المناهج الدراسية؟ وما الذي فعلته في تدريسها مادة التاريخ، وفي جريدة
العدالة التي تصدرها؟
4- هل تؤيد السيدة هدى في أن السلاح لا يجب أن يرفع إلا في وجه الغزاة الغاصبين والمحتلين؟ وضح رأيك
وعلله.
5- بين إدانة الإسلام قتل الأبرياء بصرف النظر عن جنسهم ودينهم.
6- عدد وسائل مكافحة الإرهاب الواردة في النص؟ وبين رأيك في كل واحدة منها؟
7- عرف بعض أسماء العلماء والفلاسفة الذين تعرفهم ممن وردت أسماؤهم في النص أو لم ترد، وبين أهم
إنجازاتهم.
8- من الكتب التي تقدم التاريخ على أنه حضارة؛ سلسلة كتب أحمد أمين: فجر الإسلام، ضحى الإسلام، ظهر الإسلام. كتاب أبي القاسم سعد الله: تاريخ الجزائر الثقافي. كتاب وِل. ديورانت المترجم إلى العربية: قصة
الحضارة. تحدث عن أحد هذه الكتب، وبين عدد أجزائه وأهم محتوياته.